Sunday, August 7, 2011

بهية..تطلب الخُلع


خرجت اليوم لأول مرة لأجوب شوارعها كما مضى. أدرت الراديو على أغنية "قالوا عن بهية..ظلموا البنية" و إذا بها دموعي تنساب على وجهي. ما الذي اختلف؟ هذه هي سيارتي اللتي طالما أحببتها و هذا هو نفس الراديو الذي طالما أطربني. هذه العادة البسيطة كانت تفرح لي قلبي و تُنسيني عالمي. و هذه المرة لم أستطع النسيان. رأيت الجثث اللتي دفناها في الشهرين الماضيين. تذكرت الدماء. لم تستطع الصور أن تبارح مخيلتي. لكأنها كانت مستخبية وراء ابتساماتي ووراء ذاكرتي.. و ما ان سمعت بهية حتى أطلت وجوه الموتىٰ من وراء الذاكرة. و لم أستطع الفرح.

أحياناً أفكر ربما كنت أبالغ في أحاسيسي فكل الناس واصلت حياتها. لِمَ أوقفت أنا حياتي؟! الموت يحدث كل يوم و الأشياء السيئة تحدث كل يوم لكن الحياة لا تقف. لِمَ وقفت يا سماح؟!

الخسارة كانت كبيرة عليّ هذه المرة. فإني لم أفقد أناس فقط، سواء أناس ودعت الحياة أو أناس اختارت مواصلة حياتها بعد شطبي من حساباتها. و لم أفقد نفسي فقط. قد فقدت وطن.

أحس باليُتم. فإلى من ينتمي من تيتم؟!

هذه ليست شوارع بلدي. حتى الجموع اللتي رأيتها من حولي، لم تكن تلك اللتي أعرفها من بلدي.

و قصصت شعري. بعد أن كنت أجلس عليه، قصصته إلى أقصر من القُصر. حينما عدت إلى المنزل سألتني أختي..ألم تأخذي ما كان يوما شعرك؟ قلت لها لا، لِمَ لآخذه؟

أعرف أن مسألة الشعر هي من بعض عاداتنا القديمة اللتي لا زال الكثير يؤمن بها و أني لم أكفر بها. لكني فقط لم أعد أريد أن أتمسك ب ماضي. ما ذهب ذهب. و شعري ذهب. و لا أريد له الرجوع. كما نما فيما سبق فسيرجع و ينمو من جديد.

كأني لا أراني. كأني لا أعرف نفسي و لا أحد يعرفها. لو استطعت خلع جلدي لفعلت. و لو خلع جذوري سيُحيي انتمائي إلى نفسي، إلى أهلي، إلى بلدي.. لفعلت.

أضعت الفرح و أضعت نفسي معه.

أُريد الخُلع من وطنٍ.

فهل توجد محكمة عربية تقبل بقضية خُلع وطن؟





                                                                               سماح حسين

                                                                               2:04 صباحاً

                                                                               17 أبريل 2011 الأحد






No comments:

Post a Comment