Wednesday, August 15, 2012

"صالونة سمك" جدي


صالونة السمك..

كلما تناولت هذه الأكلة البحرينية التي يشتهر بها أهل القرىٰ.. تذكرتك.

صالونة السمك هي عبارة عن مرقة السمك ،حمراء اللون بسبب الطماطم المضاف إليها. إختلاف درجة اللون تختلف بإختلاف المكونات الأخرىٰ المضافة إليها مثل "الصبار" (و هو التمر الهندي المجفف) أو الليمون الأسود المجفف.

لسنين ظلت وجبة غداءك الوحيدة ،صالونة السمك.

كان طعم صالونته لاذع. سوداء و حامضة بسبب الليمون الأسود المجفف المضاف إليها..و بكثرة.

و الكمية كانت ذاتها في كل مرة. سمكتين في نفس الكمية من المرق الأحمر المائل إلى السُمرَة. و في كل مرة كنت تعطيني سمكة و تأكل أنت الأخرىٰ. سمكة واحدة لم تكن تُشبع بطني الصغير، فكيف تُراها كانت تُشبِعُك؟!

كنت أُفضل زيارة جدي في أيام الأسبوع و ليس آخره حينما يكون مزدحما بالناس. كنت أذهب تحديدا وقت الغداء.

تدعوني للجلوس بجانبك و الأكل معك.

كان قليل الكلام. حازم. كنت أجلس في طمأنينة و أستمع لصمتك. لحُبِك.

هذا الصمت الذي يبعد عن سمعي أيام الإجازات بسبب ضجيج لعب الأطفال و أحاديث الكبار المتضاربة مع بعضها البعض. كنت طفلة آنذاك و لكني أحببت صمتك عن لعب الأطفال. 

رحل عني صمتك أيام الجامعة و تحديدا يوم امتحان مادة المِساحة. كنت كلمتني قبلها بأيام تسأل عن موعد زيارتي لك في المستشفىٰ. وعدتك يومها بالزيارة فور إنقضاء موعد امتحاناتي السنوية. لكن أيامك انقضت مع انقضاء أيام امتحاناتي.

و رحل جدي. و رحل معه ذكريات كثيرة كنت نسجتها في مستقبل لي معه.

و بقيت صالونة السمك تراودني.

نسيت أشياء كثيرة من ذلك الماضي إلا طعم غداءك الذي لا يزال يعبي ذاكرتي.

و لا زلت أُحاول إنتاج نفس الطبخة، بنفس الرائحة و نفس الطعم..

و لا زلت أفشل في كل مرة فشلا ذريعا. لم أذق من بعدِكَ صالونة السمك التي أُحبها.


تجمعنا اليوم حول طبقك المفضل. الكل كان حاضرا..

إلا أنت....و صالونة السمك التي أكلتها معك مِرارا أيام الطفولة.



في ذكرىٰ جدي الحاج حسن علي حسين




                                                                 سماح حسين
                                                                    02:46 صباحاً  
                                                               16 أغسطس 2012 الخميس

No comments:

Post a Comment